تشهد المملكة العربية السعودية اهتمامًا متزايدًا بـ المساحات المستدامة في بيئات العمل، مع تركيز الشركات على تحقيق التوازن بين الاستدامة ورفاهية الموظفين. ومن خلال دمج المواد الصديقة للبيئة، والتقنيات الموفّرة للطاقة، والتصميم الذكي للمكاتب، أصبحت المكاتب المستدامة أحد ركائز التحول نحو بيئة عمل خضراء تعزز الإنتاجية وتقلل الأثر البيئي.
تتناول هذه المقالة صعود المساحات المستدامة في السعودية، مع تسليط الضوء على فوائدها وتحدياتها وآفاقها المستقبلية.
ما هي المساحة المستدامة؟
المساحات المستدامة أو ما تعرف بـ المساحات الخضراء هي بيئات مكتبية تُصمَّم بروح المسؤولية البيئية، وتهدف إلى تقليل استهلاك الطاقة والنفايات، واستخدام مواد صديقة للبيئة، مع تعزيز راحة وصحة الموظفين. على مستوى العالم، تتبنى الشركات هذا التوجه ليس فقط لحماية البيئة، بل أيضًا لتحسين الإنتاجية، وتقليل التكاليف، وخلق بيئات عمل صحية ومستدامة.
المكونات السبعة للبناء الأخضر
تعمل المكونات السبعة الرئيسية للمبنى الأخضر معًا لتحقيق أهداف الاستدامة، مثل تقليل الأثر البيئي، وتحسين صحة ورفاهية السكان، وضمان إنشاء مبانٍ فعّالة من حيث التكلفة والكفاءة. وتشمل هذه المكونات ما يلي:
1. التخطيط المستدام للموقع:
اختيار مواقع البناء بعناية لتقليل الأثر البيئي، وتعزيز التنوع الطبيعي، والحفاظ على الموارد الطبيعية المحيطة، مع مراعاة سهولة الوصول ووسائل النقل المستدامة.
2. كفاءة الطاقة:
اعتماد أنظمة إضاءة موفّرة للطاقة، وأجهزة كهربائية عالية الكفاءة، واستخدام مصادر الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية، لضمان تقليل استهلاك الطاقة وخفض التكاليف التشغيلية.
3. كفاءة استخدام المياه:
تركيب أنظمة وتقنيات لتقليل استهلاك المياه، مثل صنابير منخفضة التدفق، وأنظمة حصاد مياه الأمطار، وإعادة استخدام المياه المعالجة، مما يقلل الهدر ويحافظ على الموارد المائية.
4. المواد والموارد:
استخدام مواد بناء محلية أو معاد تدويرها وصديقة للبيئة، والاعتماد على الموارد القابلة لإعادة الاستخدام، لضمان تقليل الأثر البيئي وتحسين جودة المبنى على المدى الطويل.
5. جودة البيئة الداخلية:
تصميم مساحات داخلية تتميز بالتهوية الجيدة، والإضاءة الطبيعية، وراحة حرارية مثالية، بالإضافة إلى تقليل الملوثات الداخلية، بما يساهم في صحة وراحة المستخدمين.
6. إدارة النفايات:
وضع استراتيجيات لتقليل النفايات أثناء البناء والتشغيل، مع تعزيز إعادة التدوير والاستخدام، لضمان استدامة الموارد وتقليل التأثير البيئي السلبي.
7. الصيانة المستدامة:
اعتماد برامج صيانة دورية لمراقبة كفاءة الأنظمة التشغيلية، والحفاظ على الموارد الطبيعية، وضمان استمرارية الأداء البيئي للمبنى على المدى الطويل.
يمكن القول إن دمج هذه المكونات السبعة بشكل متكامل يؤدي إلى إنشاء مكاتب ومساحات مستدامة تحافظ على البيئة، وتوفر بيئة عمل صحية، وتحقق استدامة اقتصادية وتشغيلية.
كيف يمكن تعزيز الاستدامة في المكتب؟
يُعدّ تعزيز الاستدامة في بيئة العمل أمرًا أساسيًا لتقليل الأثر البيئي، وخفض التكاليف، وتحسين رفاهية الموظفين. ومن خلال تبني الممارسات والتقنيات الصديقة للبيئة، يمكن للمؤسسات إنشاء بيئات عمل أكثر صحة وكفاءة، مع المساهمة في تحقيق الأهداف البيئية العامة وإحداث تأثير إيجابي ملموس. وفيما يلي أبرز الطرق لتعزيز الاستدامة في المكتب:
1. كفاءة الطاقة:
استخدام إضاءة LED وأجهزة ذكية موفرة للطاقة لتقليل استهلاك الطاقة وخفض التكاليف التشغيلية.
2. التقليل وإعادة الاستخدام والتدوير
اعتماد أدوات ومستلزمات قابلة لإعادة الاستخدام، وإنشاء محطات فرز للنفايات لتعزيز إعادة التدوير وتقليل الهدر.
3. المواد المستدامة:
اختيار أثاث ومستلزمات مكتبية مصنوعة من مواد صديقة للبيئة ومعاد تدويرها لضمان الاستدامة على المدى الطويل.
4. توفير المياه:
تركيب صنابير منخفضة التدفق ومعالجة أي تسربات بسرعة للحفاظ على الموارد المائية وتقليل الهدر.
5. التحول الرقمي:
تقليل استهلاك الورق والتحول إلى المستندات الرقمية والتعاون عبر الحلول السحابية لتسهيل العمل وتقليل الأثر البيئي.
6. تصميم المكتب الأخضر:
إدخال الإضاءة الطبيعية والتهوية الجيدة، وإضافة نباتات داخلية لتحسين جودة الهواء ورفع رفاهية الموظفين.
7. النقل المستدام:
تشجيع استخدام السيارات الكهربائية أو وسائل النقل الجماعي لتقليل الانبعاثات الكربونية المرتبطة بالتنقل.
8. مشاركة الموظفين:
تنظيم ورش عمل وبرامج توعية لتعزيز السلوكيات البيئية الإيجابية وتشجيع جميع العاملين على المساهمة في الاستدامة.
ما هو المكتب الأخضر؟
المكتب الأخضر هو بيئة عمل تُدار بهدف تقليل الأثر البيئي وتعزيز رفاهية الموظفين. ويركز على:
- كفاءة الطاقة من خلال استخدام الإضاءة والأجهزة وأنظمة التكييف الموفّرة للطاقة.
- الحفاظ على الموارد من خلال تقليل استهلاك المياه والورق والنفايات بشكل عام.
- استخدام المواد المستدامة من خلال اختيار الأثاث واللوازم المصنوعة من مواد معاد تدويرها أو صديقة للبيئة أو محلية المصدر.
- بيئة صحية من خلال تحسين جودة الهواء، والإضاءة الطبيعية، والتصميم المريح للجسم.
- مشاركة الموظفين من خلال تشجيع السلوكيات المستدامة مثل إعادة التدوير، واستخدام وسائل النقل العامة، وتطبيق الحلول الرقمية في سير العمل.
ما هي استدامة القوى العاملة؟
تشير استدامة القوى العاملة إلى الاستراتيجيات والممارسات التي تضمن توفر فريق عمل صحي، ماهر، ومتحفّز في المؤسسة على المدى الطويل. وتركّز على تحقيق التوازن بين احتياجات العمل ورفاهية الموظفين وتطويرهم. وتشمل الجوانب الرئيسية ما يلي:
- تعزيز الصحة النفسية والجسدية للموظفين من خلال سياسات داعمة وبيئة عمل إيجابية.
- توفير التدريب المستمر وفرص التطوير المهني للحفاظ على انخراط الموظفين وكفاءتهم.
- تشجيع ترتيبات العمل المرنة للوقاية من الإرهاق والحفاظ على الإنتاجية.
- بناء ثقافة شاملة تُقدّر وجهات النظر والخبرات المختلفة.
- خلق بيئة عمل داعمة تقلّل من معدل دوران الموظفين وتعزز الولاء.
التحديات التي تعيق نجاح المكاتب المستدامة
المساحات المستدامة توفر العديد من الفوائد، لكنها تأتي أيضًا مع تحديات يجب على المؤسسات مواجهتها لتطوير استراتيجيات فعّالة لتجعل هذه الفكرة ناجحة.
فيما يلي أبرز هذه التحديات:
- ارتفاع التكاليف الأولية: قد تتطلب مواد وتقنيات البناء الأخضر استثمارات كبيرة في البداية.
- نقص الوعي: قد يكون الموظفون والإدارة غير مطلعين على الممارسات المستدامة.
- صعوبة تطوير البنية التحتية القديمة لتتناسب مع المعايير الخضراء.
- الحاجة إلى متابعة وصيانة دائمة للأنظمة المستدامة.
- مقاومة التغيير من بعض الأفراد أو الإدارات.
- محدودية توفر المواد أو التقنيات البيئية محليًا.
التحول السعودي نحو الاستدامة
تتبنى المملكة مفهوم المساحات المستدامة ضمن رؤية 2030 من خلال مبادرات تشجع المباني الخضراء والطاقة المتجددة والممارسات البيئية في بيئات العمل. تسعى المؤسسات في السعودية إلى تطبيق المكاتب المستدامة التي تعتمد على كفاءة الطاقة وتقليل النفايات واستخدام المواد الصديقة للبيئة، بما يعكس الوعي المتزايد بأهمية حماية البيئة وتحسين رفاهية الموظفين واستدامة الاقتصاد الوطني.
تُعد وايت سبيس من أبرز مزوّدي مساحات العمل المشتركة والمكاتب المرنة في المملكة، حيث تقدم مساحات مستدامة تدعم الإنتاجية والتعاون، وتساعد الشركات على مواءمة أهدافها مع معايير الاستدامة البيئية، انسجامًا مع رؤية السعودية المستقبلية.